لا زلت أذكر ذلك الصباح ...... صباح ربيعي جميل .......وكل صباح في الربيع جميل ....إلا أن ذلك الصباح تدوم ذكراه .... زهور تفتحت في كل مكان على جوانب الطرقات الترابية في قريتي ... حقول اصطبغت بلون أخضر بهيج يبشر بموسم غني ......زاد هذا المنظر من تعطشي إلى لقياها ...... فقد ألقيت إليها بالأمس بما يختلج في صدري ...وكنت أظن بأن لديها ماتقوله ...فعندما تلتقي عيني بعينيها ..... وارى ما يعتري خدودها من احمرار ومايصيب حركاتها من اضطراب ... كنت أنتظر ردها... كنت أعي ما سيكون ردها ولكن السبعة عشرربيعا التي كنت قد قطعتها لم تعطني ذلك الجلد والثبات لإثق بعدم صدها لي .... فمررت من أمام منزلها ورأيت خيال خلف نافذتها ..... أكد خفقان قلبي أنه خيالها وانفتحت النافذة وصوتها يسابق زمن مروري يناديني بحذر ....فالتفت إليها فألقت برسالة نحوي وأغلقت نافذتها بسرعة محاولة الهروب من أحساسها وعاطفتها الخجولة .... تلقفت الرسالة وقلبي ينتفض وفتحتها بيدين مرتعشتين ..... لأقرأ بساطة الرد وخجل التعبير عن المكنون ..... فرحت بردها ... وأحسست ان قامتي ازدادت طولا.... وبت لا أخشىشيئا أبدا .... إحساس تملكني بأنني قادر علىاجتراح المعجزات ..... ومضت الأيام بنا عاشقين مخلصين .... ولم أكن أحسد أحداً في الدنيا ... أبدا ....أشتاق إليها شوق الظامئ لماء عذب ....ألتقيها تسحرني براءتها .... ويداعبني دائما أمل لقائها ...أتابع دراستي بثبات .... وأنسى الدنيا إن التقت عيني بعينيها ... وكانت تنتظر أن أفي بعهدالعشاق ... ولم يكن في نيتي إلا أن أفي به..
ولكن مالذي جرى .... هل أخطأت لأنها أبدت هذا التعلق بي...فليس بأشد من تعلقي بها ....
أم ترى أن الأخت المعجبة بأخيها الجامعي ... وتدخلها الدائم لتثنيه عن الوفاء بوعده لفتاة لم تسعفها الظروف لتجاريه في تحصيله العلمي ... كان له ذلك الأثر
أم خشية أهل الفتاة من تقدم ابنتهم بالعمر ... وعزوفها عن القبول بمن يتقدم لخطبتها .... وقبولها مضطرة باحدهم ..بعد أن لمست ترددي في إضافة إسمي إليهم....
لم أكن أعي ما أفرط به .... إلا عندما فقدتها ... أحسست بداخلي يتحطم ...ومن بين حطامه ... يعاتبني قلبي الذي انتزعت منه حبيبه ..ليس يأسف على نفسه ... بل على من أحبها ... كيف أكون سببا في عذابها
وبعد كل هذه السنين لا زلت أذكر ومع الذكرى إحس باللهب يضطرم بصدري .... فلم يكن لها من ذنب في تلك النهاية ..... وليس لمن ارتبطت بها ...بعدها من ذنب أيضا .... وحتى الأن لم أجد هناك من سبب
فأنا من كان يجب أن يقرر ... وترك القرار لغيره .... وفشل بعدها في ان يكون له قرار يخلصه من الندم على قرار لم يتخذه
فبقيت الذكرى .... تتقلب في بئر لن تجد له قرار .... فأنا لا زلت أذكر
موضوع: لا زلت أذكر 
الثلاثاء يوليو 03, 2007 1:42 pm