الآلام الشائعة المرافقة للتقدم في العمر
رغم أنه من الشائع الشعور بآلام جديدة مع التقدم بالعمر إلا أن وجود الألم يجب ألا يعتبر أمرا طبيعيا فهو علامة على وجود خطأ ما يجب تدبيره. من الصعب التكهن بما قد يصيبنا عندما نتقدم بالعمر لكن هناك آلام معينة أكثر شيوعا في مراحل عمرية معينة.
القواعد الذهبية للألم : مهما كان العمر ومهما كانت الحالة المرضية هناك أمور يجب الانتباه لها دوما عند الشعور بالألم. 1- معالجة الألم وسببه فورا: من السيئ إهمال أو تجاهل أو نكران وجود الألم, الألم الحاد يجب علاجه فورا وعدم السماح بتطوره إلى ألم مزمن (يستمر أكثر من 3 أشهر). 2- الحصول على كميات كافية من الفيتامين D : لكشف فيما إذا كنت تعاني نقص فيتامين D اطلب من الطبيب معايرته في دمك , يمكن للفيتامين D أن يقي من حدوث الكسور المجهرية ويخفف آلام الكسور المرافقة لترقق العظام . 3- تجنب السمنة : الوزن الزائد يزيد من الإجهاد المطبق على الجسم ويزيد احتمال تطور آلام مزمنة بالمفاصل والظهر. 4- احصل على قدر كاف من النوم : نقص النوم يزيد من شدة الألم وتوتر العضلات والاكتئاب .إذا كنت لا تنام جيدا وفشلت محاولاتك بالحصول على نوم مبكر و مريح يجب عندها مراجعة الطبيب لتقصي وجود اضطرابات نوم وإيجاد حل يساعدك على النوم المريح ليلا . 5- هل لديك اكتئاب ؟ غالبا ما يترافق الألم المزمن مع درجة من الاكتئاب والذي يتم إهماله أو تجاهله أو نكرانه في كثير من الحالات . الاكتئاب يجعل من الصعب التعامل مع الألم ويزيد شدته. إذا كنت تعاني ألما مزمنا عليك مناقشة مشاعرك وعواطفك وحالتك المزاجية مع الطبيب.
1- في الثلاثينات من العمر : - يعتبر الصداع أشيع أشكال الألم المزمن في هذه المرحلة العمرية وخاصة الصداع التوتري والشقيقة . معظم حالات الصداع مجهولة السبب مما يجعل العلاج صعبا لذلك إذا لم تنجح طريقة علاجية يجب اللجوء إلى أخرى حتى نحصل على نتيجة جيدة. طبعا يفضل في الحالات الصعبة اللجوء إلى طبيب لمحاولة تشخيص سبب الصداع حيث يوجد علاج لكل سبب. إذا كنت تشكو من الشقيقة حول تحديد العوامل المحرضة للصداع وتجنبها , كما يمكن اللجوء إلى اليوغا ,العلاج بالإبر الصينية , تقنيات الاسترخاء وإنقاص التوتر النفسي والمعالجة السلوكية المعرفية (cognitive behavioural therapy ) . – الإجهاد الجسدي نتيجة الإفراط في العمل وقلة النوم يمكن أن يثير آلاما مختلفة مثل آلام العضلات والتهاب الأوتار وألم أسفل الظهر وآلام الكتفين والمرفقين , كلها شائعة في هذه الفئة العمرية . ويفضل هنا تعلم كيفية استخدام أجسادنا بطريقة صحيحة, مثلا استخدام الطرفين السفليين بدلا من الظهر عند رفع الأشياء الثقيلة, تجنب العمل واليدين فوق الرأس لان ذلك يسبب ضغطا وإجهادا كبيرا للعنق والكتفين. انتبه لطريقة استخدام جسدك أثناء نشاطاتك اليومية, الطبخ, قيادة السيارة وغيرهما . قم بتغيير الأدوات التي تستخدمها وطريقة جلوسك في المكتب وأي شيء قد يسيء إلى توازن جسدك , ذلك يمكن أن يقيك من الأذيات الجسدية والألم مستقبلا .
2- في الأربعينات والخمسينات من العمر: - في هذا العمر يبدأ تنكس المفاصل والأقراص الغضروفية في العمود الفقري وهذا يسبب الألم وتحدد الحركة وتهيجا بالعضلات والأوتار . آلام الظهر والرقبة المزمنة وآلام اليدين والركبتين والوركين تبدأ في هذا العمر أيضا . الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بألم التهاب المفاصل التنكسي في هذا العمر هم الرياضيون الذين يفرطون بالتمرين بإجهاد أجسادهم ,وأولئك الذين لا يمارسون الرياضة . عدم ممارسة الرياضة يمكن أن يسبب يبوسة مفصلية وآلام مزمنة بالكتفين والوركين.
آلام المفاصل والظهر حديثة العهد يمكن تدبيرها بمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs) مثل الأسبرين والبروفن لكن للأسف غالبا ما يوقف المريض العلاج مبكرا حيث يتطلب الأمر عادة 10-14 يوما للحصول على نتيجة العلاج . يلجأ العديد من مرضى الألم الظهري إلى الجراحة ظنا منهم أنها الحل الأفضل ,لكن غالبا ما يعود الألم للظهور بعد سنتين تقريبا من الجراحة وبصورة أشد. يفضل في هذه الحالات اللجوء إلى العلاج الفيزيائي ,العلاج بالليزر,حقن الكورتيزون والإبر الصينية . كما تعتبر تقوية عضلات الجذع وتحسين توازن الجسم أمرا مهما في علاج ألم أسفل الظهر , كما تفيد تمارين تقوية مربعة الرؤوس الفخذية عند مرضى ألم أسفل الظهر كي يستعملوا الساقين ويخففوا من الجهد المطبق على الظهر أثناء حمل الأشياء الثقيلة كما تساعد أيضا بحماية الركبتين . ولتحسين توازن الجسم وتخفيف احتمال السقوط الذي يزداد مع التقدم بالعمر ينصح باللجوء إلى اليوغا وتقنيات التأمل و التحكم بالتنفس .
3- في الستينات وما بعدها من العمر: وهنا يصبح تنكس المفاصل وانقراص الفقرات أكثر شيوعا وقد تصبح المصدر الرئيس للألم وهنا يمكن للأدوية ووسائل العلاج الأخرى مثل التأمل واليوغا والوخز بالإبر أن تكون مفيدة .في هذه المرحلة العمرية تزداد خطورة الكسور العظمية نتيجة السقوط وترقق العظام , كما يزداد احتمال الآلام المرافقة للسرطان في الحالات المرضية الشديدة والخطيرة أحيانا لا يتم الاهتمام بالألم بل فقط بالمرض المسبب وهذا خطأ لأن استمرار الألم لفترة طويلة وخاصة عند مرضى السرطان يجعله أحد المظاهر الرئيسية للمرض , لذلك عدم تدبير الألم هنا يسيء إلى تطور الحالة المرضية وإلى نوعية حياة المريض. الحل هنا يكون بجعل تدبير الألم من الأولويات : الألم الذي يمنع النوم يؤثر بحياة المريض العائلية والاجتماعية وغالبا ما يسبب تدهورا أسرع بالحالة المرضية , لذلك يجب معالجته وعدم إهماله حتى يسيطر على حياته.
إعداد
الدكتور عمر نبيل عامر
أخصائي بجراحة العظام والمفاصل
عضو الجمعية الملكية البريطانية للجراحين