عنوان جديد نحو المجهول.. قصة قصيرة (خلدون عزام)

ليلة صيفية حارة، لكنها ليست كقلبي، إني أحزم حقائبي الآن، لأسافر بعيدا نحو المجهول، كل من حولى ينظر و ينتظر أن يقول أحدنا شيئا ما لتنفجر المقل بالدموع ، و قبل أن يقفل الباب على الماضي وقفت أنظر إلى زوايا البيت وجدرانه كنت أحاول أن أشبع ذاكرتي فقد لا أراه قبل سنوات. كانت لوحة (عشتار تعزف الناي) دامعةً لفراقي مع أني رسمتها مبتسمة، فقلت لها لا تخافي سأعود ف وفي يدي فاكهة حلوه وقمح ، أما مكتبتي فعاتبتني ؟ ، قلت لها أنت في عهدة صديقي الذي شربت معه المر سوية في كؤوس ، و سهرنا ليالٍ طوال نتحدث عن وطن الإنكسار، و الخيبه، كنا نعتقد أننا سنغير العالم ، لكن الوطن عندنا يدار من القمه أما نحن فأحجار شطرنج...
أذكر عندما جلسنا بالأمس، قلت لك يا صديقي سأرفع مرساتي و أنشر أشرعتي لأبحث عن ميناء جديد، فأنا مللت الفقر، ولا بد أن أعثر على ذلك الشيء الذي يدعى مستقبلا.. لكني عائد.. عندها يا صديقي رددت أغنية قديمة ، و تطلعت إلي السقف.. كأنك لا تعير كلامي انتباها، ثم نظر ت نحوي وقلت كل من يسافر يقول هذا يدعي أنه سيعود ، لكن الذهاب سهل أما العودة.. توقف صديقي بلع ريقه.. قد تعود لكن شخصا آخر ، ستعود نعم ، لكن الغربه تجعل الروح حجر و القلب حجر، في الغربة ستنسى يا صديقي أشجار التفاح.
فجأه قطع شرودي صوت السيارة التي ستحملني إلى المطار ، أنار ضوؤها البيت للحظة فارتسمت ظلال باردة و قاسية للأشياءالتي أحببتها شعرت بقشعريرة .. خرجت. ثم قفلت الباب .
كان أهلي و صديقي ينتظرونني بالخارج ، سألوني عن سبب تأخري .
قلت لهم: ذكريات عابرة هربت، لملمت أشلائي وصعدت السيارة بصعوبة.
الطريق نحو المطار فيه ألم الصعود نحو الجلجلة، الصمت يطبق على الناس ، العيون تهرب من العيون، فالساعة هي الفراق و المجهول، لا أحد يحمل عني الصليب، ولا قيام بعد ثلاثة أيام، بل موت في المجهول، ساعة ونصف هي المسافة شعرت أنها مسرحية من الفنتازيا فيها تمتزيج الآمال و الأحزان و الألم لتختصر عالما ثقيلا مرعبا كل من فيه مريض بالغصات و النكسات و الحب.
والدي يجلس في المقعد المقابل كنت أسرق النظرات نحوه فلا أميز شيئا سوى وجهه الذي بدا كصخرة لو حركتها قليلا لانفجر دمعها، كان يدعي القوة، لكني أعرفه و أعرف أيضا أن هذه التعابير تخبِّئ خلفها بحرا هائجا، صديقي يجلس بجانب السائق يتطلع نحو الخلف في أحايين كثيرة ، أخوتي الأربعة حولي، أكبرهم يدخن و ينفث ناظرا نحو الأسفل بصمت، لم يحب يوما الوداع، أما أمي فقد كانت بجانبي وهي تمسك يدي بشدة كأنها تمنعني من السفر ، تضغط عليها، تسحبها نحوها ثم ترخيها،بيأس، فهي تدرك أنها لا تستطيع.
أخوتي ، صديقي، أمي و أبي، لم نعد قادرين أن نتحدى الصمت ، مرت دقائق دامعة قبل المغادرة ، كلٌّ منا فاض ببحره فأنداحت العواطف و رقت الدموع، بكينا، ثم جاء الفراق، في قاعة (الترانزيت).
توجهت نحو بالبوابة ، ركبت الطائرة ، التي بدأت تتحرك, و تبتعد في سماء دمشق ، ومع ابتعادها كان الألم يكبر ، ثم يصبح وطنا ، فيصير الوطن حلما.

موضوع: تحية السبت مايو 26, 2007 9:11 pm

الاخ الغالي خلدون
نرحب بك وبمشاركاتك معنا
دائما بانتظار مواضيعك المميزة
شكرا لك

خلدون تحيه لك

كلماتك تلك قد أعادتني لسنوات مضت تحديدا 1\1\1980كانت ليله رائعه

كالمعتاد سهرنا رأس السنه مع بعض الاصدقاء الثلج والمطر والبرد كل شيء

يذكرني برائحة الوطن الغالي بالاهل والخلان ......

كل هذا يهون آنذاك أمام كم الاحلام والامنيات التي كنا نحلم بتحقيقها بأسرع وقت

ممكن والعوده سريعا لبلدنا الغاليه ...... ومضت السنين ولم أرى الثلج في بلدي منذ ذاك الحين

كم أحن لشتائك يابلدي الغاليه الى المدفأه .....

إلى لياليك البارده أما الصيف فنحن في ربوع الوطن بالتأكيد

تقبل مني مروري المتواضع خلدون على صفحاتك الذهبيه ودمت بخير.

أدهم المملكه العربيه السعوديه الرياض

لوحة فنية رائعه ..... جسدت الزمن و المكان بعيارات ساحرة

عشنا الأحداث ..... توديع الماضي و الوقوف عند الذكريات ..
لحظة الوداع و الفراق
لحظة السفر و الابتعاد عن الأرض
الحالة الماديه و دورها ....

الغربة ....و آه من تلك الغربه و آلامها

شكرا لك أخي خلدون حقا أبدعت

ولك كل الاحترام و التقدير

هبه

!! كان الرحيل ..مباغتا.. ليتني كنت أعلم !!
.....اه يامطر السماء ..أجدبت روحي ..وتنامت همومي ؟؟
:::في أول أيام الغياب !!بدأت أحسب ..ساعة..ساعتان!!
حتى أكتمل اليوم ساعاتة!واكتمل الشوق عنفوانة

أأقول:سفرا:ام رحيل!!
أأقول:وداعا ام الى اللقاء .....
هنيئا لجواز سفرك فهو الوحيد القادرعلى اصطحابك

اخي خلدون ارجو منك تقبلك مروري وشكرا لك على على قصتك التي لن تطول وانشالله لا يبقى بين كلامك وقصصك لا الوداع لا الرحيل

سوى اللقاء

Admin
شكرا على ترحيبك مرة ثانية

أدهم م أبولطيف
زمن السفر زمن لا ينسى يترك ندبة في الذاكرة
سافرت أول مرة في 15/8/2001 محملا
بكل الأمل و الإندفاع، كان عمري وقتها 23 سنه
مضت الأيام وأنطوت السنين لأفتح عيني فأرى
عمري قد صار 29 سنه، تلك السنوات التي تسمى
العشرينات، أمضيتها مترحلا ، لكني لم أندم على
لحظة اتخذتها بكامل وعيي، بالرغم من أني
فقدت أجمل أمر في حياتي وهو الفن التشكيلي
لكن السفر وسع مفهومي للحياة،
لأخرج من الدائرة الضيقة الى الأوسع
وجعلني أتطلع الى الأمور بمنظور مختلف...

رنين الكون
هي حالة عشتها بكل تفاصيلها، واشتعال لحظتها
بالدموع، والعناق، فالجميع يعرف أن الساعة قد إقتربت
والرحيل حان...

mmm
نعم لم يكن الرحيل مباغتا
أجسادنا...أفكارنا...تحركها
رياح الرغبة أن نكون
لكن كل حدث يحمل ضريبته
وتبقى أغنية المطر
معلقة كالأمل على جواز السفر
الذي يمتص لوني..

الصديق خلدون
لست أدري لعل المجهول الذي سافرت اليه أرحم من المجهول الذي كنت ستلاقيه هنا
ربما نحن ضائعون وربما نحن في صلب الحقيقة
فإن عدت شخصاً آخر لن تخدرك رياح الحقول المجبولة بالفقر والكرمة
لن تنومك نسائم صيف خالي من العمل
الغربة تقتلنا جميعاً
دمت بخير

الكونت

مشرف عدد الرسائل : 357 تاريخ التسجيل : 26/03/2007

في الغربة تعيشون ... وتعيش معكم أحلامكم ورغباتكم
تعيش معكم ذكرياتكم وحنينكم
تعيش معكم كل اللحظات التي قضيتموها وأنتم تحنون لأوطانكم
ومن كانت وطنه امرأة فاتنة تدعى سوريا .. فلا بد أن قسوة ما تسيطر على مشاعره
مشاعر الغربة والحنين إليها .. .. إلى دفئها .. إلى رائحة احراشها .. إلى كل شيء فيها ..
أرجو لكل من أسرته غربته بعيدا عن هذا الحضن الدافئ المدعو وطن .. أرجو عودة سريعة مكللة بالنجاح والتوفيق ...
لك تقديري وبعض دموع... تاخذنا الى تفاصيل قصص تؤلمنا جميعا من منا لم يجرب هذا الشعور ...يكفي هذا لن استطيع التعبير كما تفعل ..ولكن شكرا

الصديق مضر
كلنا في المجهول نبحث عن مستقبل ما
منا لم يرفع مرساته بعد ، وأخرون انطلقوا مع الريح
لكن المنعطفات تبقى فينا

diamond
سوريا إمرأة جميله
بأرضها بجبالها بطبيعتها والأصدقاء
أتذكر تلك الأيام بكل شوق

خلدون صحيح أن الرحيل صعب وأن الغربة تمحي من الروح الفرح والأمل
ولكنني متأكدة ان الجوهر يبقى كما هو
وهذه الذكريات هي التي ستعيدنا وتحينا من جديد
هناك مثل يقول من شرب من ماء الشام لا بد أن يرجع لها يوما
ومن يستطيع ان ينسى الشام ويقسى قلبه عليها

خلدون جميل كالعادة ساحر كالعادة وأكثر

الصديقة لمى
الغربة شكل آخر للإستمرار وطريقة مختلفة للحياة
أما تلك الذكريات، و الأرض، وشوارع السويداء
وحاراة دمشق، الجامعة، ومنطقة المَلّة (منطقة بين حبران وميماس)
وطريق الجبل، والاصدقاء و السهرات، تشكل في مجموعها
ذاكرة غالية لن تمحى ، وستبقى أجمل الأيام.

لك مني ود ومحبه

رائع و مميز أنت يا صديقي..
شعرت بالألم عند قراءة سطورك..
تخيلت الأحداث وأدركت مدى صعوبتها..
أتمنى أن تعود بخير إلى ديارك..
سطرت لنا الاحداث باحساس رائع ومؤلم..
شكرا لك ولابداعك..
تقبل مروري..

لمى

قمر الجبل
هي قصة كل مسافر
شكرا لمرورك الجميل

تردد كثيرا و هو يقطع الحاجز ..
هل ينظر للخلف ؟؟ أم يترك الخلف للخلف ؟؟!!
حاول أن يودع بعينيه الأرض ..
لم يستطع ..لأنها كانت محمولة على قلبه ... و عقله !!

هي قصة وطن ؟؟ أم قصة مواطن ؟؟ ...

أظنها قصة الغريب .. الذي حاول أن يحمل وطنه معه إلى أحلامه .. فسقطت الأحلام عند عتبة الغربة .. وبقي الوطن تائها !!

------------------

المبدع دوما خلدون ..
شعرت بأن كلاماتك و أحاسيسيك دفعتني دفعا .. لكي أتألم من الغربة .. غربة الوطن ..ووطن الغربة !!

أتمنى لك السعادة دائما ..

غصون

غصون
هي قصة وطن جميل
حملها الغريب معه
في بيته وعند الرصيف المحاذي للبحر
وفوق كتف يمتد شراع
بطول الأفق..

» ندم إمرأة....أقصوصة بقلم :خلدون عزام
» الرحيل إلى المجهول ....
» 3 قصص قصيرة ولكنها رائعة
» اختلاجات ... قصص قصيرة جداً
» من دون عنوان